برلماني دنماركي من أصل باكستاني يتعرض للعنصرية
برلماني دنماركي من أصل باكستاني يتعرض للعنصرية
تعرّض عضو البرلمان الدنماركي من أصول باكستانية، ومسؤول حزب “الخضر الأحرار” (يسار)، إسكندر صديقي، لموقف عنصري بعد انتهاء جلسة افتتاح الدورة الشتوية. وأثار اعتراض شخص يرتدي قميصاً كتب عليه بالخط العريض كلمة مسيئة للإسلام لصديقي ووالديه، اللذين حضرا الجلسة كمتفرجين، ردوداً سياسية مستنكرة ومطالبة بتدخل القضاء في ما حدث.
وانتشر فيديو يظهر شخصاً ينتمي لحزب يميني متطرف، سترتم كورس، والذي يتزعمه محام مثير للجدل إذ يتمحور حول “التخلص من مسلمي الدنمارك وترحيلهم إلى الخارج”، يشتم صديقي بعبارات تعبر عن جهل تام حول خلفية صديقي.
كما طالب عضو البرلمان بالخروج من البلاد “مع ثقافتك العربية التي لا تنتمي إلى بلدنا”، مضيفاً: “ارحل عن بلدنا وخذ معك مخلفاتك البشرية ووالديك”.
الموقف الذي وصفته الصحافة بـ “المضايقة” أثار سخط سياسيين وكتاب، وشطب البعض كلمة “مضايقة” واستبدلها بعنصرية. وعلى الرغم من تردّد صديقي في رفع شكوى أمام الشرطة، أعرب أعضاء برلمان من شتى الاتجاهات السياسية عن رفضهم واشمئزازهم مما تعرض له البرلماني أمام والديه.
وطالب عدد من هؤلاء بضرورة تدخل الشرطة والتقدم بدعوى أمام المحاكم حتى لو لم يفعل صديقي الأمر بنفسه.
ويثير صديقي سجالاً في أوساط اليمين القومي المتطرف بسبب مواقفه الأقرب إلى اليسار، ومعرفته بالثقافتين الدنماركية والإسلامية، ومشاركته في دخول حزبه السابق “البديل” (يساري بيئي) إلى البرلمان، وتأسيسه لاحقاً مع شخصيات دنماركية حزب “الخضر الأحرار”. ولا يتردد في مواجهة السياسيين والوزراء في جلسات استجواب تتعلق بحياة الدنماركيين ومسائل العنصرية، ما عرّضه إلى مواقف عنصرية. كما تلقى رسائل تهديد بالقتل.
وتعيش الساحة السياسية الدنماركية بشكل غير مسبوق حالة استقطاب تصل إلى حد تهديد البرلمانيين من يسار ويسار الوسط بالقتل، بالإضافة إلى ملاحقة النساء في البرلمان. واختار بعض هؤلاء، ومن بينهم عضوات في أحزاب يسارية، التوقف عن النقاش العام على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حملات ترهيب منظمة تعرضن لها، من دون أن تتدخل الشرطة وحكومة يسار الوسط في تهدئة الأجواء ومنع “التدهور في الخطاب العنصري”، كما يقول ضحايا العنصرية في البرلمان الدنماركي، حيث لم يستثن التنمر عضواً يستخدم كرسياً متحركاً بسبب إصابته بالشلل بسبب مواقفه المناهضة للعنصرية، ما دفعه أخيراً إلى الإعلان عن ترك العمل البرلماني، على الرغم من أنه لم يمض على عضويته سوى عامين.
وحمّل الناشط السياسي والصحافي ينس أنكيير، مقرر شؤون الدمج والهجرة راسموس ستوكلوند، مسؤولية “نشر الكراهية والتأسيس لأجواء تحريض على المهاجرين والمسلمين كما تفعل أنت”. كما وصف تعقيبه على الحادثة بأنه “مدعاة للتقيؤ، بعد كل حملات كراهيتك ضد المواطنين الذين يحملون خلفيات مسلمة فإن تصرفات هذا الرجل (العنصري) هي من بنات أفكارك”.
من جهته، يبرر برلماني قيادي في حزب “الشعب الدنماركي” اليميني المتشدد، بيتر سكوروب، ما تعرض له صديقي بالقول: “نتعرض جميعا لصرخات استهجان في الشارع، وعلينا تحملها”، معتبراً أن “مجيء والدي صديقي إلى البرلمان (لا يمنع القانون الدنماركي حضور أقارب أي برلماني الجلسات الافتتاحية) يستدعي إعادة التفكير لأنه قد يكون السبب وراء ردة الفعل هذه”. إلا أن تبريره لما حدث أثار انتقادات بحقه.
وفي العموم، تتعرض السياسة الدنماركية لانتقادات حقوقية محلية ودولية، بما في ذلك “المركز الدنماركي لحقوق الإنسان” ومنظمة العفو الدولية (أمنستي)، بسبب صعوبة تطبيق قانون العقوبات المتعلق بمكافحة العنصرية. وعادة لا تتجاوز شكاوى المواطنين من أصول مهاجرة مكاتب رجال الشرطة، إذ يتذرع الادعاء العام بأنه يصعب الحصول على حكم أمام القضاة حين يتعلق الأمر بعنصرية لفظية.
وينسحب الأمر على عدد من النساء اللواتي انتزع حجابهن في الشارع، أو تمت مضايقتهن جسدياً ولفظياً، علماً أنه انتشرت فيديوهات تثبت تلك الوقائع، ومن بينها واقعة أسرة المواطنة من أصل تونسي قدس حميدي، التي تعرضت لهجوم عنصري أمام طفليها وزوجها. ووجدت قضايا كثيرة شبيهة مصاعب في الحصول على أحكام.
وكثيراً ما تُنتقد رئيسة الوزراء وزعيمة “الحزب الاجتماعي الديمقراطي” ميتا فريدركسن، بسبب تراخيها في وجه تنامي الأصوات المحرضة على الجيلين الثاني والثالث من مواطني البلد من أصول غير أوروبية.
تجدر الإشارة إلى أن الشخص الذي تهجم على صديقي كان مع مجموعة أخرى من حزبه الذي ما زال تحت التأسيس، ويدعى “الوطنيون الدنماركيون”، والذين يأخذون على عاتقهم التبشير باستهداف نحو 350 ألف مواطن من أصول عربية وإسلامية، بقصد نزع الجنسيات عنهم وترحيلهم، بمن فيهم هؤلاء الذين في البلاد.
وتحت ضغط الرأي العام، أعلنت الشرطة الدنماركية أنها “بصدد البحث في مجريات الحادث”.